قوله تعالى: {أفمَنْ شَرَحَ اللهُ صدره} قال الزجاج: جوابه متروك، لأنَّ الكلام دالٌّ عليه، تقديره: أفمن شَرَحَ اللهُ صدره فاهتدى كمن طبع على قلبه فلم يَهْتَد؟ ويُدلُّ على هذا قوله: {فوَيْلٌ للْقاسية قلوبُهم}؛ وقد روى ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية، فقلنا: يا رسول الله وما هذا الشَّرْحُ؟ فذكر حديثا قد ذكرناه في قوله: {فمَنْ يُرِدِ الهُ أن يُهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للاسلامِ} [الأنعام: 125].قوله تعالى: {فهُوَ على نُورٍ} فيه أربعة أقوال.أحدها: اليقين، قاله ابن عباس.والثاني: كتاب الله يأخذ به وينتهي إليه، قاله قتادة.والثالث: البيان، قاله ابن السائب.والرابع: الهُدى، قاله مقاتل.وفيمن نزلت هذه الآية؟ فيه ثلاثة أقوال.أحدها: أنها نزلت في أبي بكر الصِّدِّيق وأًبيّ بن خَلَف. رواه الضحاك عن ابن عباس.والثاني: في عليّ وحمزة وأبي لهب ووولده قاله عطاء.والثالث: في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أبي جهل، قاله مقاتل.قوله تعالى: {فوَيْلٌ للقاسية قُلوبُهم من ذِكْر الله} قد بيَّنّا معنى القساوة في [البقرة: 74].فإن قيل: كيف يقسو القلب من ذِكْر الله عز وجل؟فالجواب: أنه كُلَّما تُلِيَ عليهم ذِكْرُ الله الذي يكذِّبونَ به، قَسَت قلوبُهم عن الإيمان به. وذهب مقاتل في آخَرِين إِلى أنَّ {مِنْ} هاهنا بمعنى عَنْ، قال الفراء: كما تقول: أُتْخِمْتُ عن طعام أكلتُه، ومِنْ طعام أكلتُه؛ وإِنما قَسَت قلوبُهم مِنْ ذِكْر الله، لأنهم جعلوه كذباً فأقسى قلوبَهم؛ ومن قال: قَسَت قلوبُهم عنه، أراد: أَعرضتْ عنه. وقد قرأ أُبيُّ ابن كعب، وابن أبي عبلة، وأبو عمران: {قُلوبُهم عن ذِكْر الله} مكان قوله: {منْ}.